وظيفة الحزن

clinical-psychology.

وظيفة الحزن

في سبيل الحماية من المؤثرات الواردة  تظهر الانفعالات كوسيلة تكيف. ولكن يرى الكثيرون أن الحزن انفعال سلبي لا وظيفة له,  وفي الحقيقة الحزن يلعب دورا حيويا في حياتنا من خلال ارتباطه بالتعلق, وهي مشاعر وجدت للمحافظة على الروابط بين الطفل وأمه, حيث لا يمكن للأم أن ترعى طفلها دون وجود نوع من التعلق, ولا يمكن للطفل أن يعيش دون الحصول على رعاية أو حماية من مقدم الرعاية ويحصل عليها من خلال التعلق بالأم, فالأم هي السبب في بقاء الطفل وهي أيضا سبب بقائه.

 

تظهر مشاعر الحزن عندما تفقد هذه العلاقة, سواء للأم أو الطفل, لذلك يظهر لنا هذا السؤال, ماذا لو لم يكن هنالك حزن من الأساس؟

هل سيحاول الناس البقاء في علاقة؟ هل ستقوم الأم برعاية طفلها؟ هل سيحافظ الزوجان على علاقتهما؟

 

تكمن وظيفة الحزن في توجيه الأفعال في سبيل تجنب الحزن قبل وقوعه, وبالتصرف بعد ظهوره, فهو ما يحافظ على بقائنا, وهو ما يجعلنا نعوض خسائرنا, ويمكننا من إعادة ترميم علاقة متهالكة.

 

فالحزن شعور غير مرغوب, وهذا بحد ذاته يجعل الفرد يحاول جاهدا التخلص من هذا الحزن بما يتطلبه الأمر, كما أنه أمر مخيف فما أن تتوقع أن تمر بالحزن كنتيجة لحدث متوقع فإننا نعمل جاهدين على تجنبه.

 

كما أن الحزن من منظور تطوري يعد وظيفة بيولوجية متعلقة بالسلوك الاجتماعي التنافسي, وفي نظرية التنافس الاجتماعي يرتبط الاكتئاب باستراتيجية الخسارة, والنشوة عند الفوز, فيكون لدينا صفة مشتركة مع الحيوانات الاجتماعية الأخرى, فعندما تكون الخسائر كبيرة في المنافسة فإن آلية الين تظهر حيث تحد من عدائية المنافس, وتمهد لظهور سلوكيات أكثر قبولا وتشاركية.

إن الاكتئاب يعد تطورا لآلية الانسحاب في المخاطر الكبرى في المجتمع, مما ينتج عنه تراتبية اجتماعية ينظم العلاقات بين أفراد الجماعة.

للاكتئاب حسب هذه النظرية ثلاث وظائف أساسية:

  • منع الفرد من التصرف بعدوانية تجاه من هم أقوى منه بإظهار الضعف.
  • إعطاء انطباع بالضعف وعدم تشكيل تهديد للخصم.
  • التهيئة لقبول دور التابع.

 

إلا أن دور الحزن لا يقتصر فقط على ما سبق ولا على ما سيأتي, فلولا وجود الحزن لما وجدت السعادة, ولولا وجود الحزن لما أصبح للأشياء قيمة, لأصبحت الأمور متساوية في أعيننا.

whatsapp