نظرية الاتصال

clinical-psychology.

نظرية الاتصال

 

نظرة عامة:

يرى ستيوارت أن الاتصال ليس مجرد كلمات او رسائل, وإنما عملية معقدة تتداخل فيها عوامل متعددة, فالاتصال يعد عملية هادفة ومقصودة, حيث ينظر له على أنه مجرد نقل معلومات, ولكن في الحقيقة هو يهدف الى شيء أعمق من ذلك.

 

فهو يرتبط بالعلاقات الاجتماعية, والعاطفية, والتفاعلات الإنسانية, وتعتمد نظرية الاتصال على مبدأ رئيسي, الا وهو, أن كل عملية تواصل تحمل غرضا, سواء كان عاطفيا, أو اجتماعيا, او معرفيا, او غيرها.

 

وبذلك تتميز عملية الاتصال في مختلف السياقات, وهي ليست فعل تلقائي لأنه يخدم هدفا محددا لدى أطراف العملية.

 

المكونات الأساسية لعملية الاتصال:

المرسل: هو الشخص الذي يقوم بإرسال الرسالة.

 

المستقبل: هو الشخص الذي يقوم باستقبال الرسالة.

 

الرسالة: المحتوى الذي يتم تبادله.

 

القناة: هي الوسيلة التي تستخدم لنقل الرسالة (الكلام, الكتابة, الإيماءات, تعبيرات الوجه).

 

الضوضاء: العوامل المعيقة أو التي تضعف التواصل (البيئة, المشاعر السلبية).

 

التغذية الراجعة: رد فعل المستقبل على الرسالة (من خلالها يتم معرفة ما إن تم فهم محتوى الرسالة).

 

الاتصال كعملية هادفة:

يعتبر الاتصال عملية هادفة ومقصودة, أي ان التواصل لا يتم بشكل عشوائي أو تلقائي, وإنما يتم تنظيمه من خلال أهداف معينة. 

 

  1. الاتصال كأداة لتحقيق أهداف عاطفية واجتماعية:

معظم التفاعلات الاجتماعية في حياتنا اليومية تسعى لتحقيق أهداف عاطفية واجتماعية, مثل بناء الثقة أو المحافظة على العلاقة أو تبادل المشاعر.

 

على سبيل المثال, يقول صديق لصديقة عن حادث مروري تعرض له ويصف مشاعر الخوف التي انتابته, الهدف من الاتصال هو الراحة والتقليل من الخوف, والحصول على الدعم العاطفي, وتعتمد عملية الاتصال في النهاية على التغذية الراجعة مع المستقبل.

 

ب- الأهداف العملية التوجيهية

قد يكون الاتصال موجهها لتحقيق أهداف عملية أو توجيهية, كأن يقوم بنقل معرفة أو نقل معرفة أو تعليم أمر جديد.

 

على سبيل المثال, قد يقوم المعلم بتوجيه طلابه لتعلم مهارة جديدة, أو تحقيق المعرفة, أو توجيه السلوك تبعا لمتطلب معين, في هذه الحالة يكون الاتصال موجها لتحقيق هدف عملي مثل إتمام مهمة أو إنجاز أهداف محددة.

 

ج- القدرة على تحديد الأهداف وتحقيقها:

تعد القدرة على تحديد الأهداف إحدى السمات الجوهرية في النظرية, سواء كانت في عملية تواصل أو عملية اجتماعية أو عملية علاجية.

 

يعد تحديد الأهداف من الأمور الحاسمة في التواصل الفعال. ونقصد بالعملية الهادفة أن الاتصال يدور حول هذه الأهداف, حيث يسعى أطراف العملية على تحقيقها من خلال التفاعل.

 

د- المرسل والمستقبل كأطراف متفاعلة

يتعامل المرسل والمستقبل مع تفاعلاتهم على أنها موجهه نحو هدف محدد. على سبيل المثال, عندما يحاول صديق مساعدة صديقه على التعبير عما يزعجه فإن الرسالة هنا هدفها تحفيز صديقه على التعبير عن عما يزعج.

 

في المقابل يقوم الطرف الآخر بفهم محتوى الرسالة وهدفها والتفاعل معها سواء كان التفاعل من خلال التغذية الراجعة فقط التأمل في هذه الرسالة.

 

د- الضوضاء كعائق أمام الهدف

هنالك العديد من العوامل التي يمكن أن تعيق عملية الاتصال او تضعفها, مما يؤدي إلى عدم تحقق الهدف أو إعاقتها بشكل جزئي.

 

تعرف هذه العوامل بالضوضاء, وقد تكون عوامل نفسية مثل المشاعر, أو بيئة مثل المقاطعات, أو الأصوات العالية. 

 

مثال عندما يتم التبليغ عن عملية سرقة قد يعيق الخوف عملية تذكر الشهود او يعيق قدرتهم على الثقة بحماية رجال الشرطة لهم, فتكون عائقا أمام تحقيق الهدف من الاتصال.

 

هـ- التغذية الراجعة كجزء من العملية الهادفة:

التغذية الراجعة هي جزء أساسي من عملية الاتصال, حيث تساعد على معرفة ما إن كان الهدف من رسالة قد تم تحقيقه أم لا.

 

مثال عندما يحاول صديق حث صديقه على التعبير عن مشاعره ولكن ردة فعل صديقة كانت تدل على عدم فهمه للهدف من الرسالة فإن هذا قد يجعل الطرف المرسل يعيد تعديل مسار العملية تحقيق الهدف.

 

التفاعل بين المرسل والمستقبل:

يعد التفاعل بين المرسل والمستقبل أساس تحقيق الأهداف المحددة لكل تفاعل.

 

حيث يشمل التبادل المستمر بين المرسل والمستقبل حيث أن كل خطوة من هذا التبادل تتأثر بالهدف, والسياق, والظروف المحيطة.

 

سنركز في هذه الجزئية على أهمية الفاعلية التفاعلية في تحديد نجاح العملية.

 

  1. المرسل كمتحكم في الرسالة:

المرسل هو الشخص الذي يبدأ عملية الاتصال, عن طريق إرسال رسالة للمستقبل. عندما يقوم المرسل بإرسال رسالة فإن وراءها هدف محدد, كأن يحث الشخص الآخر على التعبير, أو يقنعه بأمر ما أو أي هدف آخر.

 

عندما يقوم المرسل بإرسال رسالة, يقوم بتحديد المحتوى بناء على هدفه العاطفي أو الاجتماعي أو المعرفي الذي يسعى لتحقيقه.

 

المحتوى قد يكون لفظي أو غير لفظي, الكلمات ليست الوحيدة المهمة في الرسالة بل حتى الإيماءات والإشارات غير اللفظية مثل نبرة الصوت, حركة الجسد ووضعه, وتعبيرات الوجه وغيرها من الأمور تعزز محتوى وتأثير الرسالة أو تضعفه.

 

كذلك من المهم أن يكون المرسل واضحا في رسالته وأن لا تكون غامضة كي يتمكن المستقبل من فهمها بالشكل الصحيح.

 

المستقبل كمفسر وجزء يتفاعل مع الرسالة:

المستقبل هو الشخص الذي يقوم باستقبال الرسالة وتفسيرها, يكون دور المستقبل في العملية دور المفسر والمستجيب للرسالة, قد يقوم المستقبل بالتعبير عن تجربته نحوه الرسالة او مشاعره نحوها, مما يعبر عن التغذية الراجعة التي تفيد المرسل.

قد تفسر الرسالة بتفسير شخصي, من خلال خبرات المستقبل الشخصية, وسياقة الاجتماعي, وأهداف الخاصة, ومشاعره وأمور متعددة يصعب حصرها. 

 

وقد يتم تفسير الرسالة بطريقة مختلفة بناء على ما سبق مما يشكل عائقا في فهم الرسالة وهذا ما نسميه الضوضاء.

 

بعد أن يتم تفسير الرسالة, يقوم المستقبل بالاستجابة بشكل لفظي أو غير لفظي. فتكون الاستجابة عملية جوهرية في تحقيق التفاعل الفعال وتساعد في تحقيق الهدف من الرسالة, من خلال تعبير المستقبل عن فهمه للرسالة أو موقفه ومشاعره تجاهها, مما ينتج لنا ما نسميه التغذية الراجعة وهي معرفة المرسل لكيفية تفسير المستقبل للرسالة.

 

نأتي هنا لدور المرسل في تعديل الرسالة لتتناسب مع احتياجات المستقبل وفهمه.

 

على سبيل المثال, عندما تكون الرسالة غير واضحة أو مقلقة فإن المرسل يقوم بتعديلها أو تقديم رسالة إضافية تخدم نفس الهدف.

 

التفاعل الديناميكي بين المرسل والمستقبل:

في الاتصال لا يتم التفاعل من خلال اتجاه واحد فقط, بل يعد عملية تفاعلية ديناميكية, بحيث تتداخل الأدوار وتتأثر من كل طرف بشكل مستمر. حيث أن هذا التفاعل يرتبط بشدة بالأهداف التي يسعى الطرفين لتحقيقها, وكذلك السياق الاجتماعي والعاطفي.

 

بالرغم من أن المرسل هو من يرسل الرسالة إلا أن المستقبل ليس مجرد مستقبل, بل يشارك بشكل نشط في العملية, وقد يشارك المستقبل بفاعلية في تحقيق الهدف من الاتصال.

 

كذلك على المرسل أن يكون مرنا في تعديل رسائله اذا ظهر من خلال التغذية الراجعة فهم آخر للرسالة أو فهم جزئي.

 

لذلك فإننا كي نحسن من طريقتنا في التواصل, يجب أن لا يقتصر تواصلنا على الكلمات فقط, بل يجب أن يشمل اللغة الغير لفظية, والفهم المشترك, والهدف من التواصل, والسياق الذي يحدث فيه الاتصال.

whatsapp